من اين تستخرج القهوة؟

من اين تستخرج القهوة؟

القهوة، هذا المشروب العالمي الذي يعشقه الملايين حول العالم، يمتلك تاريخًا طويلًا ومعقدًا يمتد عبر القرون والقارات. يبدأ كل فنجان قهوة بلحظة بسيطة ولكنها مليئة بالسحر: استخراج حبوب القهوة. هذه الحبوب التي تعد بمثابة “الذهب الأسود” لكثير من الناس، تأتي من نبات القهوة الذي يزرع في مناطق محددة حول العالم.

في هذا المقال، سنجيب على سؤال من اين تستخرج القهوة؟ و عن الرحلة المثيرة لحبوب القهوة بدءًا من مزارع البن الخصبة وحتى وصولها إلى أكوابنا. سنتعرف على أماكن زراعة القهوة الرئيسية، وكيف تؤثر البيئة الجغرافية والمناخية على نكهتها الفريدة، بالإضافة إلى العمليات الدقيقة التي تمر بها الحبوب لتحويلها إلى المشروب الذي نستمتع به يوميًا. انضم إلينا في هذه الرحلة لمعرفة المزيد عن أصل القهوة واستخراجها.

ما هي القهوة؟

قبل البدء في الاجابة على سؤال موضوع مقالنا اليوم، يجب أن نفهم أولا ماهية القهوة.

القهوة، هي مشروب يُحضر من بذور البن المحمصة والمطحونة التي تنتمي إلى نباتات البن الاستوائية دائمة الخضرة ذات الأصل الأفريقي. تُعد القهوة واحدة من أكثر ثلاثة مشروبات شعبية في العالم (إلى جانب الماء والشاي) وواحدة من أكثر السلع الدولية تجارة و ربحية. على الرغم من أن القهوة هي الأساس لمجموعة لا نهائية من المشروبات، بما في ذلك الإسبريسو، الكابتشينو، الموكا واللاتيه، فإن شعبيتها تُعزى بشكل رئيسي إلى تأثيرها المنشط، والذي ينتج عن الكافيين، وهو قلويد موجود في القهوة.

نبتتان من نباتات القهوة، Coffea arabica و C. Canephora، تزودان العالم بمعظم استهلاكه من القهوة. كما شاهدنا سابقا في مواضيعنا حول الأرابيكا و الروبوستا، تُعتبر قهوة أرابيكا أخف وأكثر نكهة وعطرية من قهوة روبوستا، النوع الرئيسي من C. چانيپهورا.

تكون حبة أرابيكا مسطحة ومطولة أكثر من روبوستا ولكنها أكثر هشاشة وعرضة للآفات، وتحتاج إلى مناخ شبه استوائي بارد؛ يجب أن تنمو أرابيكا في ارتفاعات أعلى (2000-6500 قدم [600-2000 متر])، وتحتاج إلى الكثير من الرطوبة، ولها متطلبات ظل محددة. أمريكا اللاتينية، شرق أفريقيا، وآسيا، وشبه الجزيرة العربية هي المناطق الرئيسية لنمو قهوة أرابيكا.

حبة روبوستا المستديرة والأكثر تحدبًا، كما يوحي اسمها، أكثر صلابة ويمكن أن تنمو في ارتفاعات منخفضة (من مستوى سطح البحر إلى 2000 قدم). قهوة روبوستا أرخص في الإنتاج، وتحتوي على ضعف كمية الكافيين الموجودة في أرابيكا، وعادةً ما تكون الحبة المفضلة للعلامات التجارية التجارية الرخيصة. غرب ووسط أفريقيا، جنوب شرق آسيا، والبرازيل هي المناطق الرئيسية لنمو قهوة روبوستا.

تاريخ القهوة: رحلة عبر العصور

من اين تستخرج القهوة

البدايات الأسطورية:

يعود تاريخ القهوة إلى قرون مضت، وتحديدًا إلى القرن التاسع. تبدأ قصة القهوة في المرتفعات الإثيوبية حيث يُعتقد أن راعيًا يُدعى خالد اكتشف حبوب القهوة. تقول الأسطورة أن خالد لاحظ أن ماعزه أصبحت نشطة ومفعمة بالحيوية بعد تناولها لبعض الثمار الحمراء من شجيرات معينة. أخذ خالد الثمار إلى دير محلي حيث قام الرهبان بغليها لصنع مشروب ساعدهم على البقاء مستيقظين خلال الصلاة الليلية. انتشرت أخبار هذا المشروب الجديد بسرعة، وبدأ استخدام القهوة في المنطقة.

الانتشار في العالم الإسلامي:

بحلول القرن الخامس عشر، انتقلت القهوة من إثيوبيا إلى اليمن عبر التجار والمسافرين. في اليمن، بدأت القهوة تُزرع في منطقة المخا، وأصبحت تعرف باسم “موكا”. تطورت زراعة القهوة وانتقلت إلى بقية الجزيرة العربية، حيث انتشرت في مكة والمدينة. سرعان ما أصبحت القهوة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وخاصة في المجتمعات الصوفية التي استخدمتها لمساعدتهم على البقاء مستيقظين خلال الذكر والعبادات الليلية.

وصول القهوة الى تركيا:

في أوائل القرن السادس عشر، وصلت القهوة إلى الإمبراطورية العثمانية، وتحديدًا إلى اسطنبول. في عام 1555، افتتح أول مقهى في اسطنبول، وسرعان ما انتشرت المقاهي في جميع أنحاء المدينة. أصبحت المقاهي مراكز للنشاط الاجتماعي والثقافي والسياسي، حيث يجتمع الناس لمناقشة الأخبار والشعر والفن.

إنتقال القهوة إلى أوروبا:

بحلول القرن السابع عشر، وصلت القهوة إلى أوروبا عبر التجار العثمانيين والفينيسيين. في البداية، كان الأوروبيون مترددين في تناول القهوة واعتبروها مشروبًا غريبًا. ولكن بحلول منتصف القرن، أصبحت القهوة شائعة في جميع أنحاء القارة. افتُتح أول مقهى أوروبي في البندقية عام 1645، وتبعته مقاهي أخرى في إنجلترا وفرنسا وألمانيا وهولندا.

في إنجلترا، افتتح أول مقهى في لندن عام 1652. أصبحت المقاهي الإنجليزية تُعرف باسم “جامعات بنس” حيث يمكن للناس شراء فنجان قهوة مقابل بنس واحد والمشاركة في مناقشات فكرية. بحلول نهاية القرن السابع عشر، كان هناك أكثر من 300 مقهى في لندن وحدها.

انتشار زراعة القهوة:

مع ازدياد الطلب على القهوة في أوروبا، بدأ التجار الأوروبيون في زراعة القهوة في مستعمراتهم الاستوائية. في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، بدأت هولندا بزراعة القهوة في جزيرة جاوة الإندونيسية، مما جعلها واحدة من أولى الدول المنتجة للقهوة خارج العالم العربي.

بحلول عام 1710، كانت فرنسا قد بدأت بزراعة القهوة في مستعمراتها الكاريبية، بما في ذلك هايتي والمارتينيك. في نفس الفترة، أدخل الهولنديون القهوة إلى سورينام والبرازيل.

انتشار القهوة في الأمريكتين:

في عام 1720، أدخل الفرنسيون القهوة إلى جزيرة المارتينيك، ومنها انتشرت زراعتها إلى سانت دومينيك (هايتي الحديثة) والبرازيل. بحلول نهاية القرن الثامن عشر، أصبحت البرازيل أكبر منتج للقهوة في العالم، وهو اللقب الذي تحتفظ به حتى اليوم.

الثورة الصناعية والقهوة:

مع دخول القرن التاسع عشر وبداية الثورة الصناعية، أصبحت القهوة مشروب العمال والمثقفين على حد سواء. أدى التطور في تقنيات التحميص والطحن إلى تحسين جودة القهوة وتوسيع انتشارها. أصبحت القهوة جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في العديد من البلدان.

في عام 1901، تم اختراع القهوة الفورية من قبل الكيميائي الياباني ساتوري كاتو، مما أحدث ثورة في طريقة تناول القهوة وسهولة تحضيرها. خلال القرن العشرين، شهدت القهوة مزيدًا من الانتشار بفضل الابتكارات في تقنيات التحضير والتسويق.

القهوة في القرن العشرين والحادي والعشرين:

في الخمسينيات من القرن العشرين، شهدت الولايات المتحدة موجة جديدة من الاهتمام بالقهوة مع افتتاح سلاسل المقاهي الكبرى مثل ستاربكس. أدت هذه السلاسل إلى زيادة شعبية القهوة المتخصصة وتحسين معايير الجودة والابتكار في صناعة القهوة.

اليوم، تُعد القهوة واحدة من أكثر المشروبات استهلاكًا في العالم، حيث يتم استهلاك مليارات الأكواب يوميًا. تستمر صناعة القهوة في التطور مع التركيز على الاستدامة والشفافية والجودة العالية.

من اين تستخرج القهوة و كيف تعالج؟

كرز البن:

تُعرف الثمار الناضجة لنبات القهوة باسم كرز البن، وعادة ما يحتوي كل كرز على بذرتين من القهوة (“حبوب”) موضوعتين بشكل مسطح ضد بعضهما البعض. حوالي 5 بالمائة من الكرز يحتوي على بذرة واحدة فقط؛ تسمى هذه البذور المفردة “بحبوب البيا بيري”، وهي أصغر وأكثف وتنتج، في رأي البعض، قهوة أحلى وأكثر نكهة.

تجفيف حبوب القهوة:

في قلب كوستاريكا، بالقرب من سان خوسيه، يتم تقليب حبوب القهوة لضمان تجفيف متساوٍ.

تُعالج حبوب القهوة من خلال فصل البذور عن الأغلفة واللب وتجفيف البذور؛ يجب إزالة جميع الحبوب من ثمارها وتجفيفها قبل التحميص. تُستخدم ثلاث تقنيات لمعالجة القهوة: العملية الجافة أو “الطبيعية”، العملية الرطبة (والمغسولة)، وعملية هجينة تسمى الطريقة شبه المغسولة أو “النصف طبيعية”. تُسمى القهوة الناتجة عن هذه العمليات بالقهوة الخضراء، والتي تكون جاهزة للتحميص.

تصنيف القهوة:

بعد تقشير القهوة الخضراء ومعالجتها، تكون جاهزة للتصنيف والبيع للتحميص. تُعطي ممارسة تصنيف القهوة للبائعين والمشترين ضمانًا بشأن الأصل والطبيعة وجودة المنتج لتسهيل المفاوضات. تمتلك كل دولة منتجة للقهوة عددًا معينًا من الأنواع والدرجات المحددة، استنادًا إلى خصائص مثل ارتفاع الزراعة والمنطقة، النوع النباتي، طريقة المعالجة، مظهر التحميص، حجم الحبة، الكثافة، والعيوب، لكن لا يوجد نظام تصنيف وتحديد عالمي.

بعض القهوة تزرع في الظل ويُرجح أن تكون عضوية. نشأت حركة تجارة القهوة العادلة لضمان حصاد ومعالجة القهوة دون استخدام عمالة الأطفال والمبيدات العشبية والمبيدات الحشرية الخطرة، لضمان حصول المزارعين والمصدرين، خاصة في المناطق الفقيرة من العالم المنتجة للقهوة، على سعر عادل. مدى تطبيق معايير التجارة العادلة هو موضوع جدل. تُمنح شهادة Rainforest Alliance وشهادة Smithsonian Institution’s Bird Friendly للقهوة المستدامة المزروعة في الظل التي تحمي التنوع البيولوجي.

إزالة الكافيين من القهوة:

قد يبدو مصطلح “القهوة منزوعة الكافيين” للبعض كأنه تناقض، لكن العديد من محبي القهوة يحبون طعم القهوة لكنهم لا يتحملون تأثير الكافيين. تعتمد الطرق الرئيسية لإزالة الكافيين على المذيبات الكيميائية، الترشيح بالكربون، استخلاص ثاني أكسيد الكربون، أو ثلاثي الجلسريدات. في جميع الحالات، لإنتاج “القهوة منزوعة الكافيين”، يتم إزالة الكافيين في مرحلة الحبوب الخضراء قبل تحميص القهوة. بغض النظر عن طريقة إزالة الكافيين، تحدث بعض التغييرات في حبوب القهوة أثناء العملية، ولا يمكن إزالة 100% من الكافيين. استخراج شوت جيد من الإسبرسو من حبوب القهوة منزوعة الكافيين هو ربما أكبر تحدٍ على الإطلاق.

تحميص حبوب القهوة:

تتطور الخصائص العطرية والمذاقية للقهوة بفعل درجات الحرارة العالية التي تتعرض لها أثناء التحميص. ترتفع درجات الحرارة تدريجيًا من حوالي 180 إلى 250 درجة مئوية وتُسخن لمدة تتراوح من 7 إلى 20 دقيقة، حسب نوع التحميص الخفيف أو الداكن المرغوب. الأثر الأكثر أهمية للتحميص هو ظهور الرائحة المميزة للقهوة، التي تنشأ من تحولات كيميائية معقدة جدًا داخل الحبة (يمكنك قراءة مقالنا حول كيمياء القهوة). التحميص لفترة طويلة جدًا يمكن أن يدمر المركبات العطرية والنكهة، وغالبًا ما يتم تحميص حبوب الروبوستا بشكل مفرط عمدًا (كما هو الحال في التحميص الفرنسي والإيطالي الداكن) للتخلص من القسوة الطبيعية للقهوة.

طحن القهوة:

تُترك بعض حبوب القهوة كاملة لتُطحن عند الشراء أو من قبل المستهلك في المنزل. ومع ذلك، يتم طحن الكثير من القهوة من قبل المصنع فور التحميص. في معظم مصانع التحميص الحديثة، يتم الطحن عن طريق تمرير القهوة عبر سلسلة من الأسطوانات المسننة أو المشرشرة، التي تضبط الفجوات تدريجيًا بحيث تتكسر الحبوب أولاً ثم تُقطع إلى الحجم المطلوب من الجسيمات.

درجة النعومة مهمة جدًا. إذا كانت القهوة خشنة جدًا، يتدفق الماء بسرعة كبيرة ولا يلتقط النكهة؛ وإذا كانت ناعمة جدًا، يتدفق الماء ببطء شديد ويحتفظ بالجسيمات التي تترسب في قاع الكوب.

تعبئة القهوة:

التعبئة الفعالة تمنع الهواء والرطوبة من الوصول إلى القهوة. تتغير القهوة المطحونة بسرعة وتفقد خصائصها العطرية خلال بضعة أيام إذا لم توضع في حاويات محكمة الإغلاق على الفور.

الهواء، خاصة في الأجواء الرطبة، يسبب التزنخ من خلال أكسدة المكونات الدهنية. مواد التعبئة الحديثة، الأفلام البلاستيكية مثل البولي إيثيلين ومجمعات الألومنيوم والسليلوز، قادرة على الحفاظ على جودة القهوة لفترة. الحل الأكثر إرضاءً للمشكلة هو التعبئة تحت الفراغ أو في غاز خامل، في حاويات غير منفذة تمامًا.

في مطلع القرن الحادي والعشرين، استجاب المصنعون لرغبة المستهلكين في الحصول على قهوة طازجة وأنظمة سهلة التحضير بإنتاج ماكينات قهوة تستخدم كبسولات القهوة وهي حاويات صغيرة قابلة للتخلص تحتوي على كمية محددة مسبقًا من القهوة ومختومة بإحكام للحفاظ على النضارة. جعلت سهولة استخدامها منها شائعة جدًا، على الرغم من أنها تعرضت للانتقاد بسبب النفايات البلاستيكية التي تنتجها.

القهوة المستخرجة من الحيوان: قصة قهوة الزباد

هل تعلم أن هناك نوعًا فريدًا من القهوة يتم استخراجه بمساعدة حيوان؟ نعم، نتحدث هنا عن قهوة الزباد، أو كما تعرف أيضًا بـ”كوبي لواك”. تعد هذه القهوة من أندر وأغلى أنواع القهوة في العالم، وتتميز بطعمها الفريد وقصتها الغريبة التي تشمل مشاركة حيوان الزباد في عملية إنتاجها. في هذا المقال، سنتعرف على تفاصيل هذا النوع المميز من القهوة، بدءًا من حيوان الزباد، مرورًا بعملية إنتاج القهوة، وصولًا إلى تأثيرها على الأسواق العالمية والقضايا الأخلاقية المرتبطة بها.

حيوان الزباد:

الزباد هو حيوان صغير يشبه القطط، ينتمي إلى فصيلة الزباديات. يعيش الزباد بشكل رئيسي في الغابات المدارية في جنوب شرق آسيا، وخاصة في إندونيسيا والفلبين وفيتنام. يتميز الزباد بفرائه الكثيف وطوله الذي يتراوح بين 40 و70 سنتيمترًا، بالإضافة إلى ذيله الطويل الذي يمكن أن يصل إلى 55 سنتيمترًا. هذا الحيوان الليلي يتغذى على مجموعة متنوعة من الأطعمة، بما في ذلك الفواكه والحشرات والزواحف الصغيرة.

دور الزباد في إنتاج القهوة

تبدأ قصة قهوة الزباد عندما يتغذى الزباد على ثمار القهوة الناضجة. يختار الزباد بعناية أفضل الثمار، ويبتلعها كاملة. في معدته، تمر حبوب القهوة بعملية تخمير طبيعية، حيث تتفاعل الإنزيمات مع الحبوب وتكسر البروتينات التي تسبب المرارة. بعد مرور الحبوب عبر الجهاز الهضمي للزباد، تُفرز مع الفضلات. يتم جمع هذه الفضلات التي تحتوي على حبوب القهوة، ثم تُنظف وتُعالج بشكل خاص قبل تحميصها.

عملية إنتاج قهوة الزباد

تتطلب عملية إنتاج قهوة الزباد عدة خطوات دقيقة لضمان الحصول على الجودة المطلوبة:

  1. جمع الفضلات: يتم جمع الفضلات التي تحتوي على حبوب القهوة من الغابات أو من مزارع الزباد. هذا يتطلب عمالة مكثفة ووقتًا طويلاً.
  2. تنظيف الحبوب: بعد جمع الحبوب، يتم تنظيفها بعناية لإزالة الفضلات والأوساخ. تُغسل الحبوب عدة مرات للتأكد من أنها نظيفة تمامًا.
  3. تجفيف الحبوب: تُجفف الحبوب تحت الشمس لضمان جفافها الكامل. يمكن أن تستغرق هذه العملية عدة أيام.
  4. تحميص الحبوب: بعد التجفيف، تُحَمَّص الحبوب في درجات حرارة معينة لإبراز النكهات الفريدة التي تم تطويرها خلال عملية الهضم في معدة الزباد.
  5. الطحن والتعبئة: تُطحن الحبوب المحمصة حسب الحاجة، ثم تُعبأ في حاويات محكمة الإغلاق للحفاظ على نضارتها ونكهتها.

النكهة المميزة لقهوة الزباد

تعتبر نكهة قهوة الزباد فريدة من نوعها بفضل عملية الهضم التي تمر بها الحبوب في معدة الزباد. يتميز هذا النوع من القهوة بطعمه الناعم والمخملي، مع نكهات معقدة ومتوازنة وخالية من المرارة القوية التي قد توجد في أنواع أخرى من القهوة. يوصف طعمها أحيانًا بأنه يحتوي على نكهات الشوكولاتة والكراميل والمكسرات مع لمسة خفيفة من الفواكه.

القيمة الاقتصادية

تعتبر قهوة الزباد واحدة من أغلى أنواع القهوة في العالم، حيث يمكن أن يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى مئات الدولارات. يعود ذلك إلى عملية الإنتاج المعقدة والنادرة، بالإضافة إلى الطلب المرتفع عليها من عشاق القهوة الفاخرة في جميع أنحاء العالم. تنتج إندونيسيا والفلبين معظم قهوة الزباد، وهي تعد مصدر دخل مهم للمزارعين المحليين.

القضايا الأخلاقية

ورغم جاذبية هذه القهوة ونكهتها الفريدة، إلا أن هناك العديد من القضايا الأخلاقية المرتبطة بإنتاجها. في السنوات الأخيرة، أصبحت هناك مخاوف متزايدة بشأن رفاهية حيوان الزباد. في بعض المزارع، يتم احتجاز الزباد في أقفاص صغيرة وتغذيته بالقوة بثمار القهوة، مما يؤدي إلى ظروف حياة قاسية وغير إنسانية للحيوانات. أثارت هذه الممارسات انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الحيوان والنشطاء البيئيين.

الاستدامة والإنتاج المسؤول

للتخفيف من هذه المشكلات، بدأت بعض المزارع في تبني ممارسات أكثر استدامة وإنسانية. يتضمن ذلك جمع حبوب القهوة فقط من الزباد البري في بيئته الطبيعية بدلاً من تربيته في الأسر. تهدف هذه الجهود إلى ضمان رفاهية الحيوان وتحسين جودة القهوة المنتجة. بالإضافة إلى ذلك، هناك توجه نحو تعزيز الشفافية في سلسلة التوريد، حيث يمكن للمستهلكين معرفة مصدر القهوة وكيفية إنتاجها.

من أين تستخرج القهوة العربية؟

تُعد القهوة العربية واحدة من أقدم أنواع القهوة وأكثرها شهرة في العالم العربي. تتميز بنكهتها القوية والفريدة وطريقتها التقليدية في التحضير. ولكن ما هي مصادر القهوة العربية وأين تُزرع؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نعود إلى أصول زراعة القهوة وانتشارها في المنطقة.

القهوة في العالم العربي

من إثيوبيا، انتقلت القهوة إلى اليمن، حيث بدأت زراعتها بشكل مكثف في منطقة المخا. أصبح ميناء المخا مركزًا لتصدير القهوة إلى بقية العالم الإسلامي وأوروبا. كانت اليمن هي الدولة الأولى التي طورت زراعة البن بشكل منهجي واستخدمت تقنيات تحميص وتخمير متقدمة.

الزراعة في اليمن

اليمن هو منبع القهوة العربية التقليدية، حيث تُزرع القهوة في المناطق الجبلية ذات التربة الخصبة والمناخ الملائم. تُزرع حبوب البن اليمني في مناطق مثل حراز والحميدي، وهي معروفة بنكهتها القوية والعطرية. تُعتبر القهوة اليمنية من أجود أنواع القهوة في العالم، بفضل الظروف البيئية المثالية التي تُزرع فيها.

انتقال القهوة إلى الجزيرة العربية

مع توسع التجارة والتبادل الثقافي، انتقلت زراعة القهوة من اليمن إلى بقية الجزيرة العربية. أصبحت القهوة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العربية والإسلامية، حيث كانت تُستهلك في المجالس والجلسات الاجتماعية والدينية.

الزراعة في السعودية

في المملكة العربية السعودية، تُزرع القهوة في مناطق جنوب غرب البلاد مثل جازان وعسير والباحة. تتميز هذه المناطق بمناخها المعتدل وارتفاعها الكبير عن مستوى سطح البحر، مما يوفر الظروف المثالية لزراعة القهوة. تُعد زراعة القهوة في السعودية جزءًا من التراث الثقافي، ويتم تحضير القهوة العربية التقليدية بإضافة التوابل مثل الهيل والزعفران والقرنفل.

الانتشار في بقية العالم العربي

مع مرور الزمن، انتشرت زراعة واستهلاك القهوة في بقية العالم العربي. تُزرع القهوة في بلدان مثل لبنان وسوريا والأردن، ولكن القهوة المستوردة من اليمن وأثيوبيا تظل هي الأكثر تفضيلاً بسبب جودتها العالية.

طرق التحضير التقليدية

تُحضَّر القهوة العربية بطرق تقليدية تختلف من منطقة إلى أخرى. في السعودية ودول الخليج، يتم تحميص حبوب البن بشكل خفيف ثم طحنها وإضافة الماء المغلي والتوابل. تُترك القهوة لتغلي لفترة قصيرة ثم تُصفى وتُقدم في فناجين صغيرة مع التمر أو الحلويات.

مناطق إنتاج القهوة

أمريكا اللاتينية:

البرازيل:

تُعتبر البرازيل أكبر منتج للقهوة في العالم، حيث تزرع حوالي ثلث إمدادات القهوة العالمية. تنتج البرازيل مجموعة متنوعة من القهوة، بما في ذلك القهوة العربية (أرابيكا) والقهوة القوية (روبوستا). تُزرع القهوة في مناطق مثل ميناس جيرايس، وساو باولو، وباهيا. تتميز القهوة البرازيلية بنكهة متوازنة وجسم كامل، وغالبًا ما تحتوي على نكهات الشوكولاتة والجوز.

كولومبيا:

تُعتبر كولومبيا واحدة من أشهر الدول المنتجة للقهوة ذات الجودة العالية. تُزرع القهوة الكولومبية في المناطق الجبلية مثل كاوكا، وهويلا، وناندي. تتميز القهوة الكولومبية بنكهة حمضية واضحة ونكهات الفواكه والزهور. تحظى القهوة الكولومبية بسمعة ممتازة بفضل التزام المزارعين بمعايير الجودة العالية.

كوستاريكا:

كوستاريكا تُنتج قهوة ذات جودة ممتازة، وتُعرف بتنوع نكهاتها. تُزرع القهوة في مناطق مثل تارازو، وسان خوسيه، وألاخويلا. تتميز القهوة الكوستاريكية بنكهة معقدة وحمضية معتدلة، وغالبًا ما تحتوي على نكهات الحمضيات والكراميل.

أفريقيا:

إثيوبيا:

إثيوبيا هي مهد القهوة ومنشأ حبوب البن. تُزرع القهوة الإثيوبية في مناطق مثل ييرغاشيفي، وهارار، وسيدامو. تتميز القهوة الإثيوبية بنكهة فريدة ومعقدة، وغالبًا ما تحتوي على نكهات التوت والزهور. تُعتبر إثيوبيا واحدة من أهم الدول المنتجة للقهوة عالية الجودة.

كينيا:

كينيا تُنتج بعضًا من أفضل أنواع القهوة في العالم. تُزرع القهوة الكينية في المناطق الجبلية مثل نيانزا، وكيرينياجا، وناكورو. تتميز القهوة الكينية بنكهة حمضية واضحة وحلاوة طبيعية، وغالبًا ما تحتوي على نكهات التوت والحمضيات.

تنزانيا:

تنزانيا تُنتج قهوة ذات جودة عالية، وتُزرع في مناطق مثل كليمنجارو وأروشا. تتميز القهوة التنزانية بنكهة متوازنة وحمضية معتدلة، وغالبًا ما تحتوي على نكهات الفواكه الاستوائية والزهور.

آسيا:

إندونيسيا:

إندونيسيا تُنتج مجموعة متنوعة من القهوة، بما في ذلك قهوة سومطرة، وجاوة، وسولاويزي. تتميز القهوة الإندونيسية بنكهة قوية وجسم كامل، وغالبًا ما تحتوي على نكهات التوابل والشوكولاتة. تُعتبر إندونيسيا واحدة من أكبر الدول المنتجة للقهوة في العالم.

فيتنام:

فيتنام هي واحدة من أكبر الدول المنتجة للقهوة القوية (روبوستا). تُزرع القهوة في مناطق مثل داك لاك ولوم دونج. تتميز القهوة الفيتنامية بنكهة قوية ومرارة عالية، وتُستخدم غالبًا في خلطات القهوة الفورية.

الهند:

الهند تُنتج قهوة ذات جودة ممتازة، وتُزرع في مناطق مثل كارناتاكا وكيرالا وتاميل نادو. تتميز القهوة الهندية بنكهة معقدة وحمضية معتدلة، وغالبًا ما تحتوي على نكهات التوابل والكراميل.

الشرق الأوسط:

اليمن:

اليمن هو منشأ القهوة العربية، وتُزرع القهوة اليمنية في مناطق جبلية مثل حراز والحميدي. تتميز القهوة اليمنية بنكهة قوية ومعقدة، وغالبًا ما تحتوي على نكهات الفواكه المجففة والتوابل. تُعتبر القهوة اليمنية من أقدم وأجود أنواع القهوة في العالم.

السعودية:

في السعودية، تُزرع القهوة في مناطق جنوب غرب البلاد مثل جازان وعسير والباحة. تتميز القهوة السعودية بنكهة غنية وقوية، وغالبًا ما تُحضر مع التوابل مثل الهيل والزعفران والقرنفل.

خلاصة:

القهوة هي مشروب شهير يُستخرج من حبوب البن التي تُزرع في مناطق مختلفة حول العالم، أبرزها إثيوبيا، اليمن، البرازيل، كولومبيا، وإندونيسيا. يعود أصل القهوة إلى إثيوبيا وانتقلت عبر التجارة إلى اليمن والجزيرة العربية، ومن هناك انتشرت إلى باقي أنحاء العالم. تُزرع القهوة في المناطق الجبلية ذات المناخ المعتدل والتربة الخصبة، وتتطلب عناية خاصة خلال مراحل زراعتها وحصادها ومعالجتها. يتميز كل نوع من القهوة بنكهته الفريدة التي تتأثر بالمنطقة التي تُزرع فيها وطرق التحميص والمعالجة المتبعة. القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي جزء من ثقافات عديدة حول العالم، وتعكس تاريخًا غنيًا وجهودًا متواصلة لإنتاج حبوب ذات جودة عالية.

Similar Posts